أبتهال أبو سعد: مهندسة مغربية تهاجم مايكروسوفت بسبب دعمها لعمليات الجيش الإسرائيلي
في احتفال مايكروسوفت بالذكرى الخمسين لتأسيسها في 5 أبريل 2025، قاطعت المهندسة المغربية ابتهال أبو سعد حديث مصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي في الشركة، واتهمت مايكروسوفت انها تدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. صرخت ابتهال قائلة: “أيدي جميع موظفي مايكروسوفت ملطخة بالدماء. كيف تجرؤون جميعًا على الاحتفال بينما مايكروسوفت تقتل الأطفال؟ عار عليكم جميعًا ” واتهمت مصطفى سليمان بالخيانة.
مين هي ابتهال أبو سعد؟
ابتهال أبو سعد من مواليد 1999 في الرباط، المغرب. بعد حصولها على شهادة البكالوريا في العلوم الرياضية من ثانوية مولاي يوسف عام 2017، التحقت بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، وتخصصت في الذكاء الاصطناعي. شاركت في برنامج “تيك غيرلز” الممول من وزارة الخارجية الأمريكية، والذي يهدف إلى تعزيز المهارات التكنولوجية بين الفتيات الشابات.
مسيرتها المهنية في مايكروسوفت
بعد تخرجها، التحقت ابتهال بمايكروسوفت عام 2022 كمهندسة برمجيات في قسم الذكاء الاصطناعي. ساهمت في تطوير تقنيات متقدمة، بما في ذلك خدمات الكلاود مثل “مايكروسوفت أزور”، وعملت في مشاريع تتعلق بالمراقبة وتحليل البيانات .
الكشف عن دور مايكروسوفت في دعم الجيش الإسرائيلي
أثناء عملها، اكتشفت ابتهال أن مايكروسوفت وقّعت عقدًا بقيمة 133 مليون دولار مع وزارة الدفاع الإسرائيلية لتخزين كميات كبيرة من البيانات على “مايكروسوفت أزور”، مما يساهم في مراقبة الفلسطينيين . أوضحت ابتهال أن تقنيات الشركة تُستخدم في “المراقبة والتجسس” على الفلسطينيين، وأن الجيش الإسرائيلي يعتمد على خدمات مايكروسوفت في “أكثر المشاريع السرية والحساسة” .
ردود الفعل داخل الشركة
أكدت ابتهال أنها حاولت مرارًا التعبير عن اعتراضها داخل الشركة، لكن محاولاتها قوبلت بالتجاهل والمضايقة. أشارت إلى أن موظفين آخرين تم فصلهم لمجرد تنظيمهم وقفة تضامنية مع غزة . في رسالة وجهتها لزملائها، قالت: “محاولاتنا للتعبير عن رأينا قوبلت إما بالصمم أو بفصل موظفين لمجرد إقامة وقفة صمت. لم يكن هناك طريق آخر لجعل أصواتنا مسموعة” .
الحملة والمواقف
أطلقت ابتهال حملة لمقاطعة تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة من قبل الجيش الإسرائيلي، ودعت زملائها للتوقيع على عريضة تطالب بحظر بيع هذه التقنيات .
التأثير والرسالة
أصبحت ابتهال أبو سعد رمزًا للمقاومة في وجه استغلال التكنولوجيا لدعم الأنظمة العسكرية، حيث ألهمت مواقفها الصريحة الكثير من العاملين في مجال التقنية حول العالم. وبعد انتشار مقطع احتجاجها داخل احتفالية مايكروسوفت، أكدت عبر حسابها على إنستجرام أنها تلقّت رسائل دعم كثيرة من مختلف أنحاء العالم، وهو ما دفعها لنشر الفيديو كاملاً لإيصال الحقيقة، حسب تعبيرها.
وقالت المهندسة المغربية إنها توجه دعوة مفتوحة إلى مقاطعة جميع منتجات شركة مايكروسوفت، مؤكدة أن هذه المقاطعة رسالة قوية ضد الدعم المادي الذي تقدمه الشركة للجهات التي تنتهك حقوق الإنسان. وأضافت: “يجب أن تكون هناك وقفة أخلاقية حقيقية، ومقاطعة منتجات مايكروسوفت وسيلة فعّالة للضغط عليها كي تتبنى مبادئ إنسانية”.
ولم تكتفِ بالدعوة إلى المقاطعة، بل طالبت أيضًا بفضح جميع الشركات المتورطة في دعم الاحتلال أو أي جهة تنتهك القيم الإنسانية، وقالت: “كل شخص يعمل في شركة تنتهك المبادئ الإنسانية يجب أن يرفع صوته، ويتركها، ويتحدث بصوتٍ عالٍ عن حقيقة ما يجري”.
وفي تطور سريع، نقلت شبكة CNBC الأمريكية، أن شركة مايكروسوفت قررت فصل ابتهال أبو سعد رسميًا من منصبها في قسم الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد أيام فقط من احتجاجها العلني في احتفالية الذكرى الخمسين لتأسيس الشركة. ولم تُصدر مايكروسوفت بيانًا رسميًا حتى لحظة كتابة هذه السطور، إلا أن مصادر داخلية بالشركة أكدت أن فصلها جاء نتيجة “انتهاك سياسات داخلية”، في حين يرى متابعون أن ما حدث هو محاولة لإسكات صوت ناقد من الداخل.
تضامن واسع على مواقع التواصل
انتشر اسم ابتهال أبو سعد بسرعة البرق على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تصدّر هاشتاغ #كلنا_ابتهال و#ادعموا_ابتهال الترند في عدد من الدول العربية، خصوصًا المغرب وفلسطين ومصر. وعبّر آلاف المستخدمين عن تضامنهم الكامل مع المهندسة المغربية، واعتبروا قرار فصلها “تكميمًا للأصوات الحرة” و”جزءًا من حملة أكبر لإسكات كل من يعارض جرائم الاحتلال الإسرائيلي”.
وأطلق نشطاء حملات إلكترونية تهدف إلى كشف الشركات التقنية الكبرى التي تتعامل بشكل مباشر مع الجيش الإسرائيلي أو تقدم له خدمات لوجستية أو تقنية، داعين إلى مقاطعتها والبحث عن بدائل تدعم العدالة الإنسانية.
حتى خارج العالم العربي، بدأت بعض المنصات الإعلامية المستقلة بتسليط الضوء على قضية ابتهال، باعتبارها نموذجًا لصراع القيم داخل مؤسسات وادي السيليكون، حيث تتضارب المصالح المادية مع المبادئ الأخلاقية التي يدّعي الكثير من تلك الشركات تمثيلها.
قصة ابتهال أبو سعد لم تعد مجرد حالة فصل موظف من شركة كبرى، بل أصبحت صرخة أخلاقية تتردد أصداؤها في كل مكان. موقفها الشجاع يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول دور الشركات العالمية في دعم القضايا العادلة، ومدى التزامها بالمبادئ التي تروّج لها على صفحاتها الرسمية.
الرسالة التي تركتها ابتهال واضحة: لا يمكن الصمت على الظلم، حتى وإن كان مصدره مؤسسات عملاقة. فالتغيير يبدأ من الداخل، من موقف شخص واحد يختار أن يقول “لا” في وجه آلة ضخمة. وتبقى قصتها مصدر إلهام لكل من يسعى لأن يجعل من مكان عمله، والعالم، مكانًا أكثر عدالة وإنسانية.