أنهى نادي برشلونة لقب الدوري الإسباني لموسم 2024-2025 عن جدارة واستحقاق، بعد حسمه أيضًا كأس ملك إسبانيا وكأس السوبر الإسباني. ولم يكن هذا النجاح مجرد تتويج بالبطولات، بل هو انعكاس لثورة شاملة أحدثها المدرب الألماني هانسي فليك الذي تولى القيادة مطلع الموسم.
فليك والثورة الفنية والنفسية في برشلونة
منذ لحظة توليه المسؤولية، أحدث هانسي فليك تغييرات جذرية في الفريق. لم يأتِ فقط بخطط جديدة، بل أعاد إحياء الفريق نفسيًا.
في برشلونة كان تشافي يعتمد على أسلوب لعب تموضعي مميز من عهده، لكن برشلونة كان يعاني من هشاشة ذهنية واضحة، حيث اعتاد على التعثر والاستسلام بسهولة.
لكن فليك أعاد بناء شخصية اللاعبين، وزرع فيهم روح الانتصار، وخلق هوية هجومية شرسة تعتمد على الضغط العكسي واستعادة الكرة بسرعة، مع التركيز على مصيدة التسلل كأساس دفاعي.
وللتأكيد على هذا التحول، يكفي القول إن برشلونة هذا الموسم تمكن من العودة في النتيجة بعد التأخر في أكثر من 12 مباراة.
الفريق سجل 97 هدفًا واستقبل 36 فقط، بفارق أهداف +61.
كما تصدّر الفريق الترتيب الأوروبي في استخدام مصيدة التسلل بـ267 مرة، متفوقًا بفارق كبير على أقرب منافسيه، ما يبرهن على صلابة خط الدفاع رغم المخاطر التي تكمن خلفهم.
تحولات فردية مذهلة في برشلونة عام 2025
رافينيا: من لاعب كانت جماهير برشلونة تطالب برحيله، إلى أبرز لاعبي الفريق، ومرشح محتمل للكرة الذهبية. سجل 18 هدفًا، وصنع 9، وكان أكثر لاعبي الخط الهجومي ركضًا وضغطًا، ليتحول إلى أول خطوط الدفاع.
بيدري: تحوّل من لاعب تُعطّله الإصابات إلى أهم عنصر في وسط الميدان، ومصدر التوازن والإيقاع.
فرينكي دي يونغ: من لاعب يُنتقد بسبب اللامبالاة إلى قائد حقيقي، يقدم أداءً ثابتًا ومسؤولًا.
لامين يامال: اللاعب المعجزة هجوميًا، والذي أُطلق عليه لقب “الظاهرة” بعد رونالدو البرازيلي، لاعب يملك كل المهارات التي تحتاجها كرة القدم، ويمثل أكثر من 50% من تأثير برشلونة في أي مباراة.
قوة هجومية جماعية
- رافينيا: 34 هدفًا و22 تمريرة حاسمة في جميع المسابقات (بمجموع 56 مساهمة)، الأعلى في برشلونة و الدوريات الخمسة الكبرى.
- ليفاندوفسكي: 40 هدفًا و3 تمريرات حاسمة (بمجموع 43 مساهمة).
- لامين يامال: 17 هدفًا و21 تمريرة حاسمة – نجم المستقبل بلا منازع.
- فيران توريس: 19 هدفًا و7 تمريرات حاسمة.
- داني أولمو: 11 هدفًا و6 تمريرات حاسمة.
هذا التوزيع المتنوع للأهداف يؤكد أن برشلونة لا يعتمد على لاعب واحد، بل يملك منظومة هجومية جماعية متكاملة.
الدفاع.. خط صناعة اللعب الأول
التحول الأكبر ربما كان في خط الدفاع، ليس فقط من حيث الانضباط، بل أيضًا كمصدر لبناء اللعب:
برشلونة هو الفريق الذي سجل مدافعوه أكبر عدد من الأهداف، وصنعوا أكبر عدد من التمريرات التقدمية في أوروبا.
خط الدفاع تحوّل إلى خط صناعة اللعب الأول للفريق، مع اعتماد فليك عليهم في الخروج بالكرة تحت الضغط.
رغم الأسلوب الخطير القائم على مصيدة التسلل، فإن عدد الأهداف المتوقعة التي كان يمكن استقبالها بلغ 36 هدفًا فقط في الدوري – بفارق 5 عن أتلتيكو و4.5 عن آرسنال، وهما أقوى خطي دفاع في أوروبا.
وهو رقم إعجازي بالنظر إلى أسلوب اللعب هذا، لو تعلمون.
النهاية: مشروع بدأ ولن يتوقف
نجاح برشلونة هذا الموسم لم يكن صدفة، بل نتيجة مشروع واضح المعالم، وثورة نفسية وفنية بدأها هانسي فليك.
ما تحقق في 2025 هو الشرارة الأولى لمشروع لا يعرف التوقف.
برشلونة استعاد هيبته، واكتسب عقلية الانتصار، والمستقبل يبدو أكثر إشراقًا من أي وقت مضى.
