📢 تواصل معنا
×

نموذج التواصل

رياضة

كارلو أنشيلوتي في قبضة القضاء الإسباني: عام حبس بتهمة الاحتيال الضريبي

في تطور مفاجئ على الساحة الرياضية الأوروبية، أصدرت محكمة إسبانية يوم الأربعاء حكمًا بالسجن لمدة عام واحد بحق المدرب الإيطالي الشهير كارلو أنشيلوتي، وذلك بعد إدانته بتهمة الاحتيال الضريبي خلال فترة تدريبه لنادي ريال مدريد في عام 2014 هذا الحكم أعاد إلى الواجهة العلاقة المتوترة بين نجوم كرة القدم ومصلحة الضرائب الإسبانية، وطرح تساؤلات عديدة حول مدى التزام كبار الشخصيات الرياضية بالقوانين المالية للدول التي يعملون فيها.

التهم الموجهة لأنشيلوتي

تعود القضية إلى عام 2014، حين كان أنشيلوتي يشرف على تدريب الفريق الملكي في فترته الأولى، والتي شهدت تتويج ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخه، فيما يعرف بين جماهير النادي بلقب “العاشرة”.

ولكن خلف هذا الإنجاز الرياضي، بدأت تتكشف تفاصيل مالية مشبوهة تتعلق بحقوق الصور الخاصة بالمدرب ووجهت النيابة الإسبانية لأنشيلوتي اتهامات تتعلق بعدم الإفصاح الكامل عن دخله، خاصة العوائد التي جناها من حقوق الصور، حيث لم يعلن عنها بالشكل الصحيح أمام مصلحة الضرائب، ما يُعد مخالفة صريحة للقانون الضريبي في البلاد.

ووفقًا للسلطات الإسبانية، فإن أنشيلوتي وقع اتفاقًا يفوّض بموجبه طرفًا ثالثًا لاستلام عوائد حقوق الصور، دون أن يدرج تلك العوائد ضمن الإقرارات الضريبية الرسمية، مما تسبب في خسائر مالية لخزينة الدولة الإسبانية.

تفاصيل الحكم القضائي

بحسب ما أعلنته المحكمة، فإن المدرب الإيطالي اعترف جزئيًا بعدم الإفصاح عن بعض الدخل، وجرى التوصل إلى اتفاق مع الادعاء العام، بموجبه تم تخفيف العقوبة إلى السجن لمدة 12 شهرًا.

لكن وبحسب القانون الإسباني، فإن العقوبات بالسجن التي تقل عن عامين، والتي لا تتعلق بجرائم عنف، يمكن أن تستبدل بعقوبات بديلة، مثل الغرامة أو الخدمة المجتمعية، بشرط ألا يكون للمدان سجل إجرامي سابق وبما أن أنشيلوتي لا يملك أي سوابق جنائية، فمن المرجح أن يتم تعليق تنفيذ الحكم، وهو ما يعني أنه لن يدخل السجن فعليًا.

هذا التوجه يعكس نهج القضاء الإسباني في التعامل مع الجرائم المالية، حيث يمنح المتهمون في قضايا الضرائب الفرصة لتسوية أوضاعهم القانونية، طالما لم يكن هناك إصرار على التهرب أو نية واضحة للإخفاء الكلي.

ليست القضية الأولى في عالم الكرة الإسبانية

قضية أنشيلوتي ليست الأولى من نوعها، بل هي واحدة ضمن سلسلة من القضايا التي طالت أسماء لامعة في عالم كرة القدم داخل إسبانيا. فقد سبق وأن واجه كل من ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو وجوزيه مورينيو تهمًا مشابهة تتعلق بالتهرب الضريبي.

  • في عام 2017، حكم على ليونيل ميسي بالسجن لمدة 21 شهرًا مع وقف التنفيذ، بتهمة التهرب الضريبي.
  • أما كريستيانو رونالدو، فقد أُدين بدوره في عام 2019، ووافق على تسوية مالية بلغت ملايين اليوروهات لتجنب السجن.
  • حتى المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، لم يسلم من تلك الاتهامات، إذ وُجهت له تهمة التهرب من دفع الضرائب خلال تدريبه لريال مدريد.

كل هذه القضايا تشير إلى تشدد السلطات الإسبانية في ملاحقة قضايا الضرائب، خاصة في القطاع الرياضي الذي تقدر فيه قيمة العقود بملايين الدولارات.

دلالات وتبعات الحكم

رغم أن العقوبة لن تنفذ فعليًا على الأرجح، إلا أن صدور حكم بالسجن على شخصية مرموقة مثل أنشيلوتي يحمل دلالات قوية على أن السلطات الإسبانية لم تعد تتهاون مع المخالفات الضريبية، حتى لو كان المتهمون من أصحاب النفوذ والشهرة.

كما أن هذه القضايا تؤثر على صورة المدربين واللاعبين في وسائل الإعلام والرأي العام، حيث ترتبط نزاهة الشخصية الرياضية بنزاهتها المالية. وقد تؤثر هذه الأحكام سلبًا على العقود الإعلانية والعلاقات التجارية، وتُلقي بظلالها على السمعة العامة.

موقف ريال مدريد من القضية

حتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي من نادي ريال مدريد بخصوص الحكم الصادر على مدربه الحالي ويذكر أن أنشيلوتي عاد لتدريب الفريق الملكي في 2021، وحقق معه عدة ألقاب جديدة، أبرزها دوري أبطال أوروبا موسم 2021-2022، والليغا في نفس الموسم، ويُعد من أنجح المدربين في تاريخ النادي.

ومن غير المرجح أن يؤثر الحكم الحالي على مستقبل أنشيلوتي مع ريال مدريد، خاصة أنه لا يتضمن تنفيذًا فعليًا للعقوبة، ولا يرتبط بواقعة حدثت خلال ولايته الحالية.

القانون الإسباني والجرائم المالية

في السنوات الأخيرة، اعتمدت إسبانيا مجموعة من التعديلات القانونية لتقوية يد الدولة في مواجهة الجرائم المالية وتم التركيز على الملفات الخاصة بالتهرب الضريبي، خصوصًا في القطاعات التي تشهد دخولًا مرتفعة مثل كرة القدم.

ويلزم القانون الإسباني كل من يحقق دخلًا داخل أراضي الدولة، سواء كان مواطنًا أو أجنبيًا، بالإفصاح الكامل عن مصادر دخله وتقديم إقرارات ضريبية دقيقة وتعد حقوق الصور من أكثر مصادر الدخل تعقيدًا، إذ يمكن أن تُدار عبر شركات متعددة الجنسيات، ما يفتح الباب أمام محاولات الالتفاف على النظام الضريبي.

هل يترك أنشيلوتي أثرًا في المسار القضائي؟

بغض النظر عن تنفيذ الحكم، فإن الحكم القضائي بحق أنشيلوتي يمثل صفعة معنوية، لا سيما أنه واحد من أكثر المدربين احترامًا في العالم، وعرف دائمًا بسمعته الهادئة وابتعاده عن الفضائح.

ومع ذلك، فقد تشكل هذه القضية دافعًا لإعادة النظر في الملفات المالية للعديد من الشخصيات الرياضية داخل وخارج إسبانيا وربما تكون فرصة للمدربين واللاعبين لمراجعة تعاقداتهم والحرص على الالتزام الكامل بالقوانين الضريبية، لتفادي الوقوع في مواقف محرجة أو خسائر مالية جسيمة.

يبقى أنشيلوتي أحد أبرز المدربين في تاريخ كرة القدم، بسجل مليء بالبطولات في إيطاليا، إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، وإسبانيا ولكن قضية مثل هذه قد تشوه صورة المدرب الأسطوري لدى بعض المتابعين، خاصة في ظل تصاعد حملات المطالبة بالشفافية المالية في عالم الرياضة.

ولعل الدرس الأهم الذي يجب أن يستفاد منه هو أن الشهرة والنجاح الرياضي لا يعفيان أحدًا من المحاسبة أمام القانون وستبقى هذه القضية، وإن لم تكن مؤثرة على المدى القانوني، علامة فارقة في المسيرة الاحترافية لكارلو أنشيلوتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *